top of page

نصر ورور ينثر "غبار الطّلع" في بيروت

البناء

العدد ٤٣٠

التاريخ ٩/ ١٠/٢٠١٠

أوراق ثقافية


عبير حمدان


الفكرة مفتاح اللوحة والحدود تأسر الإبداع

الحياة بجزئياتها ونثرات غبارها هي التي تحرك ريشته. رسام اختار الارتقاء بافكاره على قاعدة المعرفة هي الاساس، لذلك يحاول الفنان السوري نصر ورور ان يترجم تجربته من دون قيود علامات الاستفهام، مشيراً الى انه لا يحب الكلام الكثير ربما لان اللوحة هي الهوية والالوان والخطوط لسان الحال.


خط غير مرئي يربطه بالفلسفة في جدلية الفراغ بمعناه الكوني. يرى ان للفراغ في محيطنا اهميته وماهيته، ليس بالمعنى الفيزيائي بل بمفرداته التي يفرزها الداخل الانساني حتى قبل تكوينه. في لوحاته الكثير من الحنين والرجاء والاشتعال وذاك الرابط بين السماء والارض. ولكن تبقى الفكرة المعيار ومفتاح اللوحة التي لا تكتمل الا بومضة لا يمكن ايجادها بسهولة بحسب تعبيره.


"غبار الطّلع" عنوان معرض الرسام السوري نصر ورور الذي يستضيفه مسرح بابل حتى 24 من الجاري، التقته "البناء" لحديث شامل تعدى خطوطه.


الفراغ فكرة


يتحدث ورور عن فكرة معرضه التي منحها عنوان الفراغ، لا بمعناه السائد والمتعارف عليه بل المحيط بابعاده الكثيرة. يقول:" للفراغ معناه المادي والفيزيائي والطاقة التي يفرزها الانسان ولكنني اتكلم عن الفراغ الذي نخلقه نحن سواء بكلامنا او تصرفاتنا.


اتحدث من خلال لوحاتي في هذا المعرض عن آيفية تعبئتنا للفراغ بصوتنا مثلاً او بنوعية آلامنا وانفعالتنا، لنقل أنى أبحث عن صلة ربط فيما هو متغيرومتحول على الدوام لان ما يحيط بنا غير ثابت على الإطلاق. يتحدثون عن الكيمياء بين شخصين الا ان هذه الكيمياء تحتاج الى عناصر كثيرة كي تكتمل. إذن لكل سبب مسبب ولا شيء يأتي من العدم، اي فعل يحتاج الى عوامل تفعيل نسبة الى المكان والزمان".


وفي سياق متصل يؤكد ورور انه منذ بداياته ركز على هذا الكائن البشري وما يحيط به من كائنات اخرى: "في معرضي السابق (جنوب الجسد) بدأت الفكرة كنقطة انطلاق وفصول لا اعرف الى اين سأصل فيها، وجسدت علاقة الشخص مع المكان التي اراها في الاطارين الافقي والعمودي. وفي (جنوب الجسد) العلاقة كانت عمودية ومن هنا أتت التسمية إذا أردت. هناك الأرض حيث طاقة المكان مروراً بالقدمين حتى الاعلى او بمعنى أآثر دقة من الموت حتى السمو نحو الله، او من الهوية العمودية مروراً بالابداع والخيال وما يضيفان الى بعضهما البعض. اربط آل التفاصيل بالجينات حتى قبل ان تتكون".


ويضيف: " الحدود تأسر الابداع وتؤثر على النفس الانسانية، لذا أركز على اختيار ما أريده وما أشعر به كي أتمكن من ترجمته".


اللوحة فكرة


يؤكد ورور ان اللوحة فكرة وتخفي سراً، ما يجعلها تعيش للتاريخ وليس كتتمة لديكور منزلي. اما قدرة الناس على قراءة اسرار لوحاته فيضعها قائلاً: "هناك مساران الاول فني والثاني قدرة الناس على رؤية نسبية لما قصدته فيها ولو كانت هذه النسبة خمسة في المئة فقط. ارى ان هناك قيماً محددة لاي لوحة، اهمها أن تتكلم عن نفسها من دون اي اعلان يسبقها او من دون التركيز على توقيع فنان ما أسفل اللوحة ومن دون النظر اليها. الرسم ليس اسماً برع صاحبه في الظهور الاعلامي والتفصيل والقول انه لا يحب القيود ويرسم أحاسيسه بلا قواعد محددة، من جهتي أرى أن الرسم له قواعده، وارتقاء أي فنان في مجالنا يجب ان يبنى على قاعدة ثابتة، حتى الجنون له قاعدة وميزان ليأتي كما يجب. المفروض ان نلتزم بالاصول والقواعد والوعي آي يكون الابداع متزناً ولو تخطى القواعد مع الزمن."


لا يتذكر ورور متى بدأ بالرسم، لكنه يرى ان الموهبة تظهر في عمر باكر:"قد ابالغ إذا قلت أنى منذ وعيت على الالوان حملت ريشة وخربشت. أؤمن بأن الموهبة تظهر في عمر باكر لاقتناعي بأن كل انسان يولد سره معه اما لماذا لا تظهر موهبة بعضهم فلعل الظروف الاجتماعية المحيطة بالشخص تلعب دورها".


ونسأل ورور حول النظرية القائلة ان من يتقن الرسم يتمكن من قراءة داخل الانسان من خلال تعابير وجهه؟

فيجيب: "ارى داخل الانسان من خلال ما يحيط به او لنقل من الهالة التي تحتويه، أما فيما يتصل بالنظرية التي اشرت اليها فأرى ان الرؤيا تبقى شكليةوينقصها ما يسمى بالـ "ومضة" لذا قد يبصر بعضهم الشكل لكنه لا يلمس الفعل".


لكل لوحة مفتاح


يقّر ورور بأنه يميل الى التبسيط في عمله، لكنه يحمله معاني كثيرة ويعتبر ان اللون الأخضر من أخطر الألوان مستفيضاً حول جدلية ما تراه العين في اللوحة:" ما ترينه اليوم من جزئيات في اللوحة قد يختلف غداً، وكل شخص يرى البعد الأقرب اليه. وكل لوحة لها مفتاح".


يتحدث ورور عن اللوحة الرئيسية في المعرض التي تحمل إسم "صورة الكرسي": "هي تجسيد لراحة من يتربع على كرسي ويملك القدرة على العطاء، لكن ساعة يشاء، بمعنى آخر تتلخص الفكرة ببساطتها تتلخص بما يسعى اليه الانسان وبقوة ولكنه لا ينالها الا في الوقت الملائم من دون استسهال منه بل بعد مراحل كثيرة يمر بها".


ويعدد الصعوبات:"أكثر ما أعانيه هو صعوبة التواصل مع أصحاب صالات العرض في الدول العربية تحديداً، ربما لأنهم يهتمون بأنواع أخرى من الفنون، لكن ما يعزيني أنى أجد مكاني في الخارج وتبقى بيروت مساحة جميلة رغم كل شيء".


ونسأل ورور عن الفكرة التي ستلي "غباره" فيقول:"لدي الكثير من الافكار تبقى المشكلة في المكان لأني أرى ان لكل فكرة مكانها.

أنوي المتابعة في الجو نفسه واحياناً يأخذ اسم اللوحة مني شهوراً، الومضة أيضاً مطلوبة لها. أبدأ لوحتي بإشكالية وابحث عن حلول لها كانعكاس لأسلوبي في الحياة".

bottom of page